(إذا مات
ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح
يدعو له)
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
الحديث على ظاهره، وهو حديث صحيح رواه مسلم في صحيحه:
(إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو
ولد صالح يدعو له) والدعاء يقول: "اللهم اغفر لأبي، اللهم ارحمه، اللهم
أدخله الجنة، اللهم ضاعف حسناته، اللهم كفر سيئاته، اللهم ارفع درجته في
المهديين"
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
وما أشبه ذلك من الدعوات الطيبة، هذا هو الدعاء، أما
قراءة القرآن كونه يقرأ ويثوب هذا فيه خلاف بين أهل العلم: من العلماء من
قال أنه يلحق الميت وأنه ينتفع بذلك، وبهذا قال جمع غفير من العلماء وقاسوه
على الصدقة، وقال آخرون: لا؛ لأن العبادات توقيفية لا يسمح فيها إلا بما
جاء به الشرع نصاً،
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
ولم يرد في السنة عن النبي
-صلى الله عليه وسلم- ولا في الكتاب العزيز ما يدل على شرعية تثويب القرآن
أو الصلاة أو الصوم لمن ليس عليه صومٌ واجب، فلما لم يأتِ هذا وجب تركه لأن
المؤمن إنما يفعل ما أمر به وشرع له، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول:
(من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) يعني فهو مردود، ويقول عليه الصلاة
والسلام: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)،
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
هذا
وجه على قول الذين قاله جمع من أهل العلم، وهو أظهر في الدليل وأقرب إلى
الدليل، وفيما شرع الله كفاية من الصدقة والدعاء والحج عن الميت وأداء
الصيام الواجب عنه إذا مات وعليه صيام من رمضان أو كفارة أو نذر يؤدي عنه
أقاربه، أما صومه للتطوع ونذره عنه أو قراءة القرآن فهذا لم يرد فيه دليل
يدل عليه، فوجب ترك ذلك وقوفاً مع النصوص.
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
تفسير بمعني أخر
معروف أن الإنسان إذا مات فإنه ينقطع عمله لأنه مات
والعمل إنما يكون في الحياة إلا من هذه الأمور الثلاثة لأنه هو السبب فيها
الصدقة الجارية وهي الخير المستمر مثل أن يوقف الرجل بستانه على الفقراء أو
يوقف عقاره على الفقراء فإن الفقراء ما داموا ينتفعون بهذا العطاء أو
ينتفعون بثمرة هذا البستان فإنه يكتب له وهو أجر حاصل بعد موته لكن هو
السبب في إيجاده .
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
والثاني العلم الذي ينتفع به بأن يعلم الناس ويدلهم على
الخير وعلى فعل المعروف فإذا علم الناس وانتفعوا بعلمه بعد موته فإن له
أجرهم من غير أن ينقص من أجورهم شيء لأن الدال على الخير كفاعل الخير وهذا
دليل على بركة العلم وفائدته في الدنيا والآخرة
وأما الثالث وهو الولد الصالح الذي يدعو له بعد موته فلأن الولد من كسب
الإنسان وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث (أو ولد صالح يدعو له) ..
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
لأن غير الصالح لا يهتم بنفسه فلا يهتم بأبيه أو أمه
وفيه إشارة إلى أنه من المهم جداً أن يربي الإنسان أولاده تربية صالحة حتى
ينفعوه في حياته وبعد مماته وفي قوله صلى الله عليه وسلم (أو ولد صالح يدعو
له) إشارة إلى أن الدعاء للأب أو لغيره من الأقارب أفضل من أن يقوم
الإنسان بعبادة يتعبد لله بها ويجعل ثوابها لهم لأن النبي عليه الصلاة
والسلام لم يقل أو ولد صالح يصلى له أو يصوم له أو يتصدق له مع أن سياق
الحديث في العمل انقطع عمله إلا من ثلاث فلو كان عمل الإنسان لأبيه بعد
موته مما يندب إليه لبينه النبي صلى الله عليه وسلم وأيضاً يكون دعاء
الإنسان لوالديه أفضل من أن يسبح أو يقرأ أو يصلى أو يتصدق ويجعل ثواب ذلك
لهم والإنسان محتاج إلى العمل الصالح فليجعل العمل الصالح لنفسه وليدعُ
لوالديه بما يحب ولا يعني قوله صلى الله عليه وسلم أو ولد صالح يدعو له أنه
لو دعا له غير ولده لم ينتفع به..
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
بل دعاء أخيك المسلم نافع لك ولو كان ليس قريباً لك قال الله تعالى
(وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا
وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي
قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌٌ)
فوصف الله هؤلاء الأخيار بأنهم يدعون لأنفسهم ولإخوانهم الذين سبقوهم
بالإيمان وهذا يشمل إخوانهم الأحياء والأموات وقال النبي عليه الصلاة
والسلام( ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله
شيئاًَ إلا شفعهم الله فيه)..
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
حيث بين النبي صلى الله عليه وسلم أن الميت ينتفع بدعاء
المصلين عليه ويكون قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث (أو ولد صالح يدعو
له) مبنياً على أن الولد الصالح الذي هو بضعة منه كأنه هو نفسه ولهذا قال
(انقطع عمله إلا من ثلاث) فجعل دعاء الولد لأبيه من عمل الأب وقد استدل بعض
الناس بهذا الحديث على أنه لا يجوز إهداء القرب للأموات قالوا لأن النبي
صلى الله عليه وسلم قال (انقطع عمله إلا من ثلاث)..
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
ولكن في الاستدلال هذا نظراً لأن النبي عليه الصلاة والسلام
قال (انقطع عمله) ولم يقل انقطع
العمل له فلو أن أحداً من الناس غير الابن أهدى ثواب قربة إلى أحد
من المسلمين فإن ذلك ينفعه لو أنك حججت عن شخص ليس من آبائك وأمهاتك نفعه
ذلك وكذلك لو اعتمرت عنه أو تصدقت عنه فإنه ينفعه على القول الراجح.
أجاب عليه العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى
منقول