أعلنت المندوبية العامة لإدارة السجون و إعادة الإدماج عن مباراة توظيف حراس السجن من الدرجة الرابعة . و تماشيا مع التحولات و التجديدات التي عرفتها المندوبية على مستوى " الأسماء" بالخصوص من المندوب إلى أصغر موظف بالإدارة ، و يدخل هذا التغيير ضمن سياسة ما بات يطلق عليه بتحديث القطاعات، و استبدلت المندوبية " الله يجعل كلامنا خفيف عليها" ضمن هذا الإطار أسماء موظفيها بأخرى يقال عنها أنها عصرية و عولمية " وجات أسورتي" مع المتغيرات الاجتماعية و الحقوقية التي تعرفها المملكة السعيدة.
التحولات و سلسلة التغييرات طالت كذلك صياغة الإعلان عن المباريات حيث أن الصيغة الجديدة حققت الحد الأقصى للإقصاء المباشر من اجتياز المباراة و بشروط " بيولوجية " تعجيزية لا يمكن الطعن فيها أو التشكيك في نوايا الإدارة و حرصها على توظيف الكفاءات المهنية، و بالتالي إعطاء السجون صفة مؤسسة لإعادة إدماج السجناء في الحياة العامة و جعل مستوى الجريمة ينخفض إلى معدلات مقبولة " الله يجعلني نتيق ".
ارتأت المندوبية من خلال تجربة الشروط الجديدة للالتحاق بالإدارة أن تكون السباقة، و على كافة الإدارات أن تحدو حدوها و خصوصا تلك التي يتقاطر عليها عشرات الآلاف من الطلبة العاطلين.
أول شرط من شروط اجتياز المباراة بعد الإدلاء بشهادة الباكلوريا، أن يكون المرشح مغربي الجنسية و يتمتع بحقوقه الوطنية.
في اعتقادي أن جميع المرشحين و بدون استثناء لا يتوفر فيهم هذا الشرط ، و إذا قامت الإدارة بالتدقيق في الحقوق الوطنية لكل مرشح و مدا تمتعه بها فستجد نفسها في حاجة إلى موظفين محترفين على شاكلة لاعبي كرة القدم.
لا ادري هل القصد من " متمتعين بحقوقهم الوطنية" كما ورد في الإعلان هي تلك الأحكام القضائية السالبة لحق من حقوق المواطنة.
أو ربما أن الأمر يتعلق بكل الحقوق بما فيها حق التطبيب و السكن و حرية التعبير و الحق في الاختيار و الحق في المطالبة بـ "الحقوق" ، و حق الإضراب و حق الاحتجاج ، و حق المطالبة بمحاكمة المتورطين في عمليات النصب و الاحتيال بمباركة الحكومة " فضيحة النجاة نموذجا" ، و الحق في الطالبة بالتعويضات و جبر الضرر الناجم عن الكوارث الطبيعية و التي تكون الحكومة احد أضلع مثلت الخطر إما بقناطرها المغشوشة الآيلة للسقوط بمجرد الانتهاء من بناءها أو برخصها التي توزع من تحت الطاولة دون مراعاة شروط السلامة.
يبقى الشطر الثاني من الشرط الأول الحامل لعبارة " دو مروءة "، هنا صبرا آل ياسر و بقليل من الضحك و بكثير من الاستغراب نسأل حفيظ بن هاشم ما القصد من كلمة " مروءة " و كيف يمكن أن نصنف المرشح " دو المروءة" من فاقدها.
هل يقصد بها حفيظ بن هاشم أن يكون المرشح على خلق مهني ، لا اعتقد إلا إذا كانت الإدارة تود الاستغناء عن الآلاف من موظفيها بالنظر إلى حالات الارتشاء العلني و كميات الممنوعات التي تروج بالأحياء السجنية من مخدرات إلى أقراص الخلاعة مرورا طبعا بالقرقوبي و السليسيون.
و إذا كان القصد ب "المروءة" له علاقة بالشذوذ الجنسي ، فالسجون المغربية معروفة بتنامي هذا الوباء اللوطي الخطير ، و يحضا بعض الشواذ الميسورين بوضع خاص في السجن نظيرا للكرم و السخاء الذي يتمتعون به في تعاملهم "عفوا تعاملهن " مع الموظفين و النزلاء على حد سواء .
و إذا كان القصد بالمروءة التعامل مع السجين وفق ما تمليه الإنسانية ، و مراعاة الظروف الاجتماعية و النفسية للنزيل فالأمر يقتضي فتح مراكز لإعادة تكوين موظفي إدارة السجون فمعظمهم لا يتقن إلا لغة تخدش الحياء و يعف المرء عن سماعها. و حتى أولائك الموظفين الذين التحقوا بالإدارة و هم على خلق كريم بحكم الجوار أصبحت موسوعتهم اللغوية تعج بالكلام النابي حتى وسط مجالس الأصدقاء ف" من عاشر قوما أصبح على ملتهم".
في مجتمع ثلاث أرباع سجنائه يدعون بدعاء سيدنا يوسف " السجن أحب إلي مما تدعونني إليه.ف" السفيل" كما يحلو لدوي السوابق تسمية " خارج أسوار السجن " أكثر شراسة من السجن، على الأقل توفر الإدارة لنزلائها 4 حصص من اللحم في الأسبوع، الأمر الذي تفتقده ألاف العائلات من دوي الدخل المحدود.
مؤسساتنا السجنية تحوي ما يعادل عدد سكان "إمارة أندورا " مودعين في السجن و لولا تلك التخفيضات في مدة العقوبة لانفجرت أحياء السجون بنزلائها ، مما جعل الإدارة تفكر في بناء 8 سجون جديدة للرفع من معدل المساحة المخصصة لكل سجين من 1.5متر مربع الى 3 متر مربع، و من يقرأ تصريحات عبد النباوي عن مشروع بناء ثمانية سجون جديدة بإضافة 21 الف سرير بحلول 2010 تخال التصريح صادر عن وزير السياحة و ليس عن سجان المملكة "من 2005 الى 2007" خصوصا و صيغة الحديث ذكرت كلمتي" 2010 و الأسرة بكسر السين" .
الشرط الثاني عزيزي القارئ أن يكون سن المرشح 35 سنة على الأكثر، تصوروا معي طالب في 35 سنة من العمر عاطل عن العمل –مادام ينوي الترشح- قضى اكثر من 14 سنة بعد الباكلوريا إما مياوما في مهن البطالة المقنعة أو يحل الشبكة و السودوكو ، أو يتابع البارصا و الريال، و على رأس كل خمس سنوات يعمل عشرة أيام في الحملة الانتخابية بأجر يومي يعادل دخل موظفي سلم 11، يقضي ليله ساهرا و نصف يومه نائما .أتحدى المندوبية المباركة أن تجد واحدا في المليون من المغاربة في نفس الوضعية خال من الأمراض و بالتالي فالقصد من سنة تمديد سن الوظيفة العمومية تبطلها المادة 24 من النظام الأساسي الخاص بموظفي المندوبية العامة لإدارة السجون و إعادة الإدماج ، و التي تنص أن لا يكون المرشح مصاب بأي مرض أو عاهة يترتب عنها ضعف في القدرة البدنية من شأنه أن يحول دون مزاولة خدمة فعلية بالليل أو بالنهار، و لاسيما الإصابة المزمنة في الجهاز العصبي أو المرض أو الاضطراب العقلي التي تتطلب علاجا في إحدى مؤسسات الأمراض العقلية…و المضحك المحزن ان المادة 24 تنص كذلك على أن المرشح و جب أن يكون خال من كل إصابة في الحلق قد تعرقل الصوت و هو يؤدي سمفونية " كلشي يدخل…كلشي يخرج…و تضيف المادة 24 أن التمتمة كذلك من موانع القبول في هذه الوظيفة، و من حسن الحض أن عهد التمتمة قد رحل برحيل البصري أيام "لي تمتم يندم"
و أصبحنا نعيش عهد الانفتاح و حرية التعبير و قل ما شئت مادامت القاعدة الأمنية تعمل بمبدأ " الكلب لي كينبح ماكيعض".
الشرط الرابع من المادة 24 ينص على وجوب التوفر على حاسة سمع قوية تمكنك من سماع الهمس على بعد نصف متر و الصوت العالي على بعد 5 أمتار هذا الشرط ابصم بكلتا يدي انه يتوفر في جميع المرشحين فالمغربي بطبعه يجيد لغة الهمس و الغمز و هو القائل "غير بركم و انا نفهم".
كما أننا اعتدنا على عبارة " حل ودنيك مزيان" و " اسمعني مزيان ليماك" في جل إدارات الأمن و المصالح المرتبطة بالبزة العسكرية.
و أخيرا وصلنا إلى مربط الفرص و "على من أشدت و غنت موكا" طول المرشح 1.75 متر عوض 1.69 المتعارف عليه في معظم مباريات " الكسوة " ، الرفع من طول القامة ذكرني ببطل الزنا " سيرجي بوبكا ". حين كان يتعمد تحطيم الأرقام القياسية تباعا و حين قرر الاعتزال قام برفع رقمه القياسي بالقدر الذي يجعله أسطورة الزنا لأطول فترة ممكنة. أما من رفع طول القامة بالمغرب فسيضل " العربي بوبكا" مخلدا إلى أن يرث الله الأرض و من عليها، مادام واقع البشرية يقول أن تناقص طول العنصر البشري أمر عادي مند أن خلق الله ادم بطول 60 ذراعا.
و على هذا الأساس و بمجرد أن يتوقف نمو الطالب المغربي عليه " جبيد الميترو" لكي يشطب من قائمة الوظائف تلك التي لا تتناسب مع طوله و وزنه و عينيه و أدنيه ، و حتى و جنتيه.
أمر مؤسف و محزن أن يتم إقصاء مرشح بسبب " حب الشباب " في و جهه كما حصل مع احد الطلاب في مباراة الدرك الملكي دون أن يخجل الطبيب المشرف على الانتقاء البدني من القول للمرشح "وخا غادي تبرا غادي يبقا وجهك مطبع". حريا بهذا الدكتور أن يقوم من مقعده و يجلس بجوار لجنة ستار أكاديمي حيث الجمال و الأجساد المكتنزة و العيون الساحرة ليختر من شاء.أما حب الشباب فيقابله في قلوب كل شبابنا "حب الوطن" و هذه تشفع لتلك في بلد تحترم مواطنيها و تفخر بالاجدم والمعاق و بالقصير و الطويل و بالأبيض و الأسود.شريطة ان يعمل كل واحد من موقعه بضمير حي متزن..
ألا يعلم جنود الكتيبة أو المادة 24 أن سحنة الكادحين أمثالنا حرقتها أشعة الشمس و بريق عيوننا لفحتها قلة الحيلة و عسر الحال، و أبداننا أصابها السقم من كثرة الخبز و اتاي.و على ذكر هاتين اللازمتين أسرت ام لصديقتها " ولدي حطيتلو يفطر والله ماقدر يدوز جغمة ديال اتاي …مريض مسكين" و علق احد الظرفاء على هدا الأمر"كوكان حطيتيلي الفرماج لحمر و عصير كيوي كون كلاه".
يبقى السؤال المطروح واش بالصح المادة 24 بداية لتكريس سياسة الإقصاء الممنهج من سلك الوظيفة العمومية