صورة وزعتها الحكومة العراقية لمشتبه فيه اعتقلته مؤخرا وأكدت أمس أنه أبو عمر البغدادي زعيم تنظيم القاعدة في العراق (رويترز)
بغداد: هدى جاسم
حسمت الحكومة العراقية بشكل رسمي أمس موضوع اعتقال أبو عمر البغدادي، زعيم ما يسمى بـ«دولة العراق الإسلامية»، وهو تحالف يضم تنظيم القاعدة ومجاميع موالية له، إذ أصدرت بيانا رسميا بهذا الشأن بعد أيام من الجدل حول هوية الشخص الذي اعتقلته منذ بضعة أيام في جانب الرصافة من بغداد، كما عرضت خلال مؤتمر صحافي صورا فوتوغرافية للمعتقل هي الأولى في نوعها تأكيدا لهوية البغدادي. وقال بيان حكومي عراقي أمس تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه «لقد سقط بأيدي القوات الأمنية البطلة رأس الشر، زعيم تنظيم القاعدة في العراق أبو عمر البغدادي ،هذا الإرهابي الذي كانت تربطه علاقة وثيقة بالنظام السابق وشكل حلفا شيطانيا مع أزلامه، انعكست آثاره على أجساد الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ في مشاهد دموية يندى لها جبين الإنسانية استنكارا وخجلا».
وكانت القوات الأمنية العراقية قد أعلنت على لسان الناطق باسم خطة فرض القانون أنها ألقت القبض على أبو عمر البغدادي في إحدى التقاطعات في منطقة الرصافة ببغداد. ثم تم الإعلان على أن فحصا للحمض النووي يتم للتأكد من شخصية أبو عمر البغدادي بعد اعترافه الشخصي بها.
وأضاف البيان أن «هذا الإرهابي أعلن منذ سنوات أنه يمثل امتدادا وخليفة لسلفه المقبور أبو مصعب الزرقاوي، وقد نفذ كلاهما جريمة إشعال الفتنه الطائفية التي أزهقت الأرواح وانتهكت حرمات الأماكن المقدسة والمساجد والحسينيات والجامعات وأحالت أجساد المواطنين إلى أشلاء في الأسواق والتجمعات السكانية».
من جانبها أكدت القوات الأميركية في العراق أن عملية اعتقال البغدادي تمت من قبل القوات العراقية التي لم تطلب أي مساعدة من القوات الأميركية، وقال سلام سعيد المتحدث باسم قوات التحالف في العراق أن «القوات الأميركية لم تساعد القوات العراقية في عملية إلقاء القبض على أبو عمر البغدادي لأن القوات العراقية لم تطلب ذلك وتمت العملية وفق معلومات استخبارية عراقية»، وأضاف قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن «المعلومات التي تمتلكها القوات الأميركية عن أبو عمر البغدادي هي ما أعلنت عنه الحكومة العراقية وقواتها الأمنية».
من جهته، عرض اللواء قاسم عطا الناطق باسم عمليات بغداد خلال مؤتمر صحافي صورا فوتوغرافية للمعتقل هي الأولى في نوعها تأكيدا لهوية البغدادي. وقال عطا إن «المجرم مسؤول عن جميع العمليات الإرهابية التي طالت المواطنين الأبرياء في الجامعات والمساجد والأسواق».
وقال عطا لـ«الشرق الأوسط» إن «أبو عمر البغدادي واسمه الحقيقي أحمد عبد أحمد خميس المجمعي ألقي القبض عليه قرب جامع النداء في حي القاهرة وقد استدرج إلى هذا المكان وفق معلومات استخبارية ولم يكن إلقاء القبض عليه عن طريق الصدفة»، مؤكدا «أن البغدادي استسلم دون مقاومة وكان متجاوبا نوعا ما مع المحققين ونحن نمتلك معلومات مهمة عنه وهو أيضا يمتلك معلومات عرفت من خلال التحقيقات».
وأكد عطا أن «العديد من قيادات «القاعدة» في العراق قد تم إلقاء القبض عليهم أو قتلهم ولكن هذا الأمر لا يعني أنها انتهت في العراق وباعتقال البغدادي يعني أن عملهم قد ارتبك، مع علمنا أنهم سيبحثون عن بديل للبغدادي، لكن ما حصل هزيمة كبيرة لهم لأنهم يعرفون تماما أن الساحة العراقية لم تعد ساحتهم وأن مصيرهم إما القتل أو الاعتقال».
وقد أعلنت مجموعة البغدادي مسؤوليتها عن هجمات عدة، بينها التفجير الانتحاري الذي استهدف البرلمان العراقي في 13 أبريل (نيسان) أسفر عن مقتل أحد النواب، والعديد من الهجمات الانتحارية وأعمال الخطف والقتل بينها إعدام عشرين شرطيا كانت خطفتهم، بعد أن رفضت الحكومة التجاوب مع مطالبها.
وقد برز البغدادي للمرة الأولى في أبريل (نيسان) 2006 بعد قيادته مجموعة أعلنت أنها تقاتل الأميركيين قبل أن يتولى قيادة تنظيم القاعدة في العراق. وكان أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة دعا في 30 ديسمبر (كانون الأول) 2007 في تسجيل صوتي الإسلاميين في العراق إلى مبايعة الشيخ أبو عمر البغدادي «أميرا على دولة العراق الإسلامية» وهاجم مجالس الصحوة. وكانت وزارة الداخلية العراقية أعلنت مطلع عام 2007 مقتل البغدادي في منقطة الغزالية في بغداد إثر خلاف مع مقاتلين من جنسيات عربية حول استهداف المدنيين، لكن تبين بعد ذلك أن هناك شخصا آخر يحمل اللقب ذاته. وتقول مصادر لم يتم التأكد من صحتها، إن البغدادي انضم إلى جماعة سلفية في العراق وتعرض للمطاردة من قبل النظام السابق وهرب باتجاه أفغانستان قبل أن يعود لاحقا إلى العراق. وتتابع، إن أحدا لم يعرف بوجوده في العراق إلا عام 2004 في معركة الفلوجة قبل أن يتم اختياره في مجلس شورى المجاهدين ثم أميرا على «دولة العراق الإسلامية».
وكانت مصادر في محافظة الأنبار قد أعلنت لـ«الشرق الأوسط» أن أبو عمر البغدادي هو من أهالي منطقة حديثة غرب مدينة الرمادي وأنه كان يسكن وعائلته هذه المنطقة وأنه يتجول فيها وفي مناطق العراق الأخرى بحرية ويلتقي بشخصيات من محافظة الأنبار ثم انتقلت عائلته إلى الموصل التي تعد من المناطق التي تنشط فيها تنظيمات القاعدة.
وأشارت ذات المصادر أمس إلى أن أبو عمر البغدادي هو حامد الزاوي وهو من مواليد 1958 وهو ضابط في سلك الشرطة في النظام العراقي السابق وقد طرد منها لتشدده الديني وتطرفه، وأفادت المصادر رافضة ذكر الأسماء لدواع أمنية بأن «حامد الزاوي أو أبو عمر البغدادي حمل أسماء عديدة أعلنت عنها القوات الأمنية العراقية أو القوات الأميركية وأنها أعلنت اعتقاله أكثر من مرة تحت هذه المسميات».
وأشارت المصادر إلى أن الأجهزة الأمنية العراقية تريد «حرف الأنظار عن التدهور الأمني الحاصل بإعلانها عن مقتل قيادات في (القاعدة)»، مؤكدة أن «اعتقال أو مقتل أي شخص في هذه التنظيمات لن يؤثر عليها باعتبار أن الشبكة التي يعملون بها هي شبكة عنكبوتية وأن مبادئ «القاعدة» التي يؤمن بها أغلب من كان ضمنها هو أن القتل يعني الوصول إلى الجنة وأن أي شخص ينتمي لهذا التنظيم يضع في حسبانه الموت أو الاعتقال».
وأوضحت المصادر «أن تنظيمات (القاعدة) تبدأ من مسؤول أمني في التنظيم للمنطقة أو مسؤول إعلامي الخ ثم قائد عسكري للمنطقة ثم قائد شرعي (المفتي) الذي يأتمر بأمره ويأخذ الفتاوى من هو أقل منه، ثم بعد ذلك الأمير ثم الوزير ثم الزعيم»، وأضاف قائلا إنه «لا يمكن إعطاء الزعامة لشخصية عراقية لأن الزعامة سيكون تحت جناحها العديد من العرب والأجانب القادمين إلى العراق من أجل هدف رسمه لهم التنظيم» وأضافت أن «اعتقال أبو عمر البغدادي لن يهزم هذا التنظيم بسهولة وأن هناك المئات ممن يمكنهم خوض تجربة البغدادي أو غيره».
من جانبه أكد الدكتور حميد التميمي معاون عميد كلية العلوم السياسية في جامعة بغداد «أن «القاعدة» تعرض لضربات كبيرة خلال العام الماضي والحالي في العراق وأن فقدانه لشخصية البغدادي يعد خسارة كبيرة بالنسبة للتنظيم فهو قيادة عراقية لـ«القاعدة» وهو قائد ميداني وعراقيته أهلته للتحرك بسهولة ومرونة وله القدرة على كسب الآخرين أكثر من القيادات غير العراقية». وقال التميمي لـ«الشرق الأوسط» إن («القاعدة» لم يعد له قيادات بارزة في الصف الأول في العراق لأنه إما اعتقلوا أو قتلوا أو هربوا إلى خارج العراق).