تربية النعام ادخل بسرعة

تربية النعام. وكان هذا الطائر يسكن شبه الجزيرة العربية حتى منتصف القرن الماضي ولكنه انقرض منها شيئاً فشيئا بسبب الصيد الجائر. وثمة اليوم قرابة اربعين مزرعة مخصصة لهذا النشاط في المملكة. وهنالك اتجاه لتطوير هذه المزارع وتنميتها على نحو يسهم في تلبية حاجات المستهلك السعودي من لحوم الدواجن.
والحقيقة ان كثيراً من المستثمرين المحليين اصبحوا يعون اليوم اهمية الاهتمام بقطاع تربية النعام لأسباب كثيرة منها تلاؤم المناخ المحلي مع طبيعة هذا النشاط الاقتصادي واستغلال الازمات الصحية الغذائية التي سجلت في العالم في السنوات العشر الأخيرة لتغيير عادات المستهلك وحمله على الاقبال اكثر فأكثر على لحوم النعام التي تشبه في مذاقها لحوم العجول والابقار. وقد لاحظت كل دراسات الجدوى التي اعدت في المملكة حول هذا النشاط ان كلفته اقل بكثير من كلفة مشاريع تربية الابقار وان فترة الانتظار الفاصلة بين البدء في التربية والبدء في تسجيل ارباح اقل هي الأخرى في مجال تربية النعام عما هي عليه في مجال تربية الابقار.
السلع الاستفزازية
في مصر حمل رئيس الدولة قبل سنتين على عدد من الاثرياء الذين كانوا يستوردون ما يصفه المصريون بـ "السلع الاستفزازية" ومنها اللحوم المخصصة للقطط والكلاب وبعض انواع معلبات الاسماك ولحوم النعام. ودعا لوقف هدر ثروة البلاد من العملات الاجنبية على مثل هذه السلع. والحقيقة ان ازمة البقر المجنون قد اسهمت في السنوات الأخيرة في حمل المستهلكين من ذوي القدرة الشرائية العالية على استيراد هذه اللحوم لاسيما بعد ان لوحظ ان هذه الازمة كانت وراء ارتفاع غير طبيعي لأسعار لحوم الابل وان في لحوم النعام نسبا ضعيفة جداً من الكوليستيرول بالقياس الى لحوم أخرى تنتمي الى فئة ما يسمى "اللحوم الحمراء".
وكان ذلك سبباً اساسياً من الاسباب التي اقنعت بعض المستثمرين المصريين بضرورة الاهتمام بتربية النعام في مصر لتزويد الفنادق السياحية بجزء من الانتاج وتصدير الجزء الاكبر الى الاسواق الاوروبية وغير الاوروبية.
ويمكن القول ان ازمة جنون البقر وبعض الازمات الأخرى المتصلة بالامن الصحي الغذائي كانت هي الأخرى وراء انتشار هذا النشاط الزراعي في عدد من بلدان المتوسط الشمالية منها فرنسا التي اطلقت فيها تربية النعام عام ألف وتسع مائة وثمانية وثمانين. ولكن استهلاك لحوم النعام لم يسمح به بشكل رسمي في فرنسا الا منذ عام ألف وتسع مائة وثلاثة وتسعين.
ومن اهم البلدان العربية التي تسعى جاهدة منذ عدة سنوات بالاضافة الى مصر الى تنمية تربية النعام تونس والمملكة المغربية. وتعد مزارع سيدي بوعلي القريبة من مدينة سوسة من اهم المزارع المتخصصة في هذا المجال في الجمهورية التونسية. ويستهلك جانب كبير من انتاج المزارع التونسية في الفنادق السياحية التي يؤمها السياح الاثرياء. اما في المغرب فتوجد اهم المزارع على بعد خمسة وعشرين كيلومتراً من الدار البيضاء على خط الطريق السيارة الرابطة بين هذه المدينة ومطار محمد الخامس.
ومن اهم الاسباب الأخرى التي دفعت عدداً من المستثمرين العرب الى الاستثمار في تربية النعام ان الاستفادة من هذا القطاع من الناحية التجارية يتجاوز حدود لحوم هذا الطير الذي اكتشف لأول مرة قبل قرابة خمسة آلاف سنة في مصر القديمة. فريش النعام يباع بأسعار مرتفعة جداً ويستخدم مثلاً لتنظيف الاجهزة الالكترونية اما جلد النعام فهو من حيث الجودة قريب من جلود التماسيح والفيلة وهو من اكثر الجلود التي تثبت امام الرطوبة. ويستفيد مربو النعام ايضاً من بيضه ودهونه التي تستخدم في اعداد مستحضرات صيدلانية.
وثمة اليوم رغبة لدى مربي النعام في العالم العربي في جعل لحوم هذا الطائر في الوجبة الغذائية العادية بالنسبة الى المستهلك العربي على غرار ما اصبح عليه سمك السومون في البلدان الغربية.