مقالة رائعة للدكتور : أحمد فريد
فقد أوجب الله عز وجل علينا محبة نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم، وأن يكون هذا الحب أكثر
من حب الآباء والأبناء، والإخوة والزوجات والأموال.
وهدد الله عز وجل من يحب شيئًا من ذلك أكثر من حبه لله عز وجل، أو لرسوله - صلى
الله عليه وسلم - أو للجهاد في سبيل الله، فقال تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ
وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ
تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ}
[التوبة: 24]، ثم فسَّقهم الله عز وجل بخاتمة الآية، فقال: {وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ
الْفَاسِقِينَ} [التوبة: 24].
فهذا الحب للنبي - صلى الله عليه وسلم - واجب على الأعيان، وقال النبي - صلى الله
عليه وسلم -: ((لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين))
[1].
ومن تأمل الخير الواصل إليه من جهة النبي - صلى الله عليه وسلم - علم أنه أحق
بالمحبة والتوقير والتعظيم والاتباع من الآباء والأمهات، فإذا كان الآباء والأمهات سببًا
في الحياة الفانية، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - سبب في الحياة الدائمة الباقية؛ بل هو
- بأبي وأمي - أحب إلينا من أنفسنا، كما قال الله عز وجل: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ
أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: 6].
ويجب على كل مسلم أن يفدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنفسه وماله وأهله
وولده، كما قال تعالى: {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ
رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ} [التوبة: 120].
وقال عمر - رضي الله عنه - للنبي - صلى الله عليه وسلم -: "يا رسول الله، لأنت أحب
إلي من كل شيء إلا من نفسي"، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا والذي
نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك))، فقال له عمر - رضي الله عنه -: "فإنه
الآن والله لأنت أحب إلي من نفسي"، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((الآن يا
عمر))[2].
فقوله: ((الآن يا عمر))؛ أي كمل إيمانك الآن.
وهذا الحب الكامل للنبي - صلى الله عليه وسلم - له ثمرات عاجلة وآجلة، فمن ثمرات حب
النبي - صلى الله عليه وسلم - تذوق حلاوة الإيمان؛ قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:
((ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما،
وأن يحب المرء لا يحبه إلا الله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في
النار))[3].
يتبع إن شاء الله .