علاقة المسرح بالشعر
المسرح
شكل من أشكال الفنون يؤدى أمام المشاهدين، يشمل كل أنواع التسلية من
السيرك إلى المسرحيات. وهناك تعريف تقليدي للمسرح وهو أنه شكل من الفنون
يترجم فيه الممثلون نصّاً مكتوباً إلى عرض تمثيلي على خشبة المسرح. يقوم
الممثلون، عادة، بمساعدة المخرج على ترجمة شخصيات ومواقف النص التي ابتدعها
المؤلف.
عادة ما يكون الحدث المسرحي عملاً مشوقاً لكل من المشاهد الممثل والفنّي،
بغض النظر عن مكان عرضها: مسرحاً محترفاً أو مسرحاً مدرسيّا أو مجرد مساحة
أقيمت مؤقتاً لهذا الغرض. وتتدرّج العروض من التسلية الخفيفة، مثل العروض
الموسيقية والكوميديا، على تلك التي تبحث في موضوعات سياسية وفلسفية جادة.
ولا بدّ لنا أن نفرق بين المسرح والمسرحية رغم أنهما تستخدمان عادة وكأنهما
يحملان المعنى نفسه، ذلك لأن المسرحية تشير إلى الجانب الأدبي من العرض أي
النص ذاته. وعلاقة المسرح بالمسرحية علاقة العام بالخاص، أو بمعنى آخر
المسرح شكل فني عام ،أحد موضوعاته أو عناصره النص الأدبي (المسرحية).
ويعتقد بعض النقاد أن النص لا يصبح مسرحية إلا بعد تقديمه على خشبة المسرح
وأمام الجمهور. ويقول آخرون: إن النص ليس سوى مخطط يستخدمه المخرج
والفنانون الآخرون أساساً للعرض.
والعرض المسرحي أكثر الفنون تعقيداً؛ لأن أداءه يتطلب العديد من الفنانين.
ومن بين هؤلاء المتخصصين: المؤلف والممثلون والمخرج ومصممو الديكور
والأزياء وفنيو الإضاءة ومهندسو الصوت و وغيرهم من الفنيين. كما تتطلب بعض
العروض الأخرى مصممي الرقصات وموسيقيين وملحنين ويسم المرح أحياناً الفن
المختلط؛ لأنه يجمع بين النّص والجو الذي يبتكره مصممو الديكور والإلقاء
والحركات التي يؤديها الممثلون. لذلك يطلق عليه بعض النقاد أبا الفنون،
تجتمع كل هذه الفنون في تناغم وتناسق لتكون في النهاية المسرحية ذاتها التي
تشكل مع كل هذه العناصر وحدة فنية واحدة.
ولذلك فالفن المسرحي جماع مجهود عدد من الفنانين في مختلف التخصصات تشترك جميعا في إيجاد العرض المسرحي وتشكيله.
والمسرح أكثر الفنون تأثيراً في الناس ؛ فمشاهدة أية مسرحية تعد التحاماً
حيّ بين الجمهور والممثلين على خشبة المسرح. والممثلون يجسدون أمام المشاهد
جانباً من التجربة الإنسانية ويفسرونها، فيخرج المشاهد و قد أضاف إلى نفسه
ـ إلى جانب المتعة ـ معرفة بالحيلة سواء أكانت في شكل سلوك إنساني، أو
نظرة إلى الكون، أو موقف من الحياة.
نشأة المسرحية وتأريخها:
أقدم
المسرحيات التي عرفها الأدب الغربي هي المسرحيات الإغريقية، وكان لنشأته
في بلاد اليونان علاقة بعقائدهم(حيث كانوا يؤمنون بتعدد الآلهة)ز وكان من
آلهتهم التي قدسوها ديونيسوس أو( باخوس) إله النماء والخصب وبخاصة العنب
والخمر، وقد اعتادوا أن يقيموا له حفلين أحدهما في أوائل الشتاء، بعد جني
العنب وعصر الخمور، ويغلب عليه المرح وتنشد فيه الأناشيد الدينية، وتعقد
حلقات الرقص، وتنطلق فيه الأغاني، ومن هذا النوع المرح نشأت الملهاة(
الكوميديا)، والحفل الثاني في أوائل الربيع حيث تجف الكروم وتتجهم الطبيعة،
وهو حفل حزين منه نشأت المأساة( التراجيديا).
علاقة الشعر بالمسرح:
العلاقة التأريخية:
مما
تقدم نفهم أن المسرحية لدى الإغريق تكونت وكان هاجسها الأساسي ذلك الشعور
الديني والوجداني في عبادة الإله ديونيسوس إله الخمر ويقال أنهم تعلموا
اسمه في فترة لاحقة للفترة التي عرفوا فيها أسماء الآلهة الأخرى، حيث يقال
أنه جاء عن طريق القبائل نصف الإغريقية بآسيا الصغرى، ويشير الطابع
الوجداني لطقوس ديونيسوس إلى هذا الأصل الآسيويين ومما يدل على هذا الطابع
الريفي لديونيسوس ما حمله من عدة ألقاب، منها (المزهر) و(المثمر) و(المورق)
و(اليانع)، وكونه في فصل الربيع يوقظ الأرض من سباتها الشتوي العميق،
ويبعث فيها القوة والدفء والحركة، وكونه أيضا ًـ في المقام ـ الأوّل إله
الكروم ومخترع النبيذ فقد قدسه البشر ووضعوه في مصاف أكبر القوى الخيرة؛
لأنه خلصهم من الألم والمتاعب، فخلعوا عليه لقب ( المخلص من كل الهموم).
وبهذا الاختراع فقد صار ديونيسوس بفضل الخمرة التي اخترعها والتي تبعث
النشوة في النفس وتبعث على قرض الشعر، وعلى الرقص والفن ـ صار راعياً
للموسيقى والشعر وحمل لقب المغني فكانت أشعاره التي يلهمها سريعة الانتقال
بين المرح والنشوة وبين الألم والمعاناة والقسوة وبين المجون الصاخب، وكان
كل ذلك متماشياً مع طبيعة الاحتفالات التي كانت تقام تحت رعاية إله الخمر،
ومثل هذه الحرية والتنويع، والخروج على كل القيود الصارمة عوامل جعلت من
الأغنية( الديونيسوسية) الجماعية بذرة صالحة لاستنبات المسرحية أو الدراما
ومن هذا التكوين الشعري للأغنية الديونسيسوية خرجت أولى أشكال المسرحية
الإغريقية بل أولى أشكال المسرح الشعري أساساً الذي منه تكونت الدراما أو
خرجت عليه مكونة بذلك علاقة مهمة بين الشعر بصفته معادلاً مهماً ليس للغة
فحسب، بل للغة وللحالة الشعرية التي كانت تتمثل في النشوة والتقلب والتحول
أو الانتقال بين الحالات الشعورية والحسية، وبين المسرح الدرامي الذي ينبني
ـ أساساً ـعلى حالة من التوازن في إيجاد التكوين الدرامي سواء للنص أو
الشخوص أو الإخراج، إذاً فربما يكون المسرح الشعري ليس وليد حالة لغوية أو
ايقاعية بحتة، بل هوأساساً كن وليدحالة شعورية ناتجة عن (النشوة) والتقلب
بين الفرح والحزن والمرح والألم الذي كانت تبعثه الخمر في نفوس منشدي
ديونيسوس، و من هنا نستطيع العودة إلى الأصل الحقيقي للمسرح الشعري و منه
نستطيع توضيح ملامح هذا المسرح الناتجة ـ أساساً ـ عن حالة فلسفية تأخذ من
النشوة علامة لها ومكوناً أساسياً في فهمها.
من ذلك نتبين أن المسرح في أصوله كان باباً من الشعر، وبقي كذلك بشكل واضح
في عصر ازدهاره في إنجلترا، أي في أواخر القرن السادس عشر الميلادي، وكذلك
في فرنسا طوال القرن السابع عشر الميلادي وفي كلتا الحالتين كان المسرح
يكتب شعراً مقفى في فرنسا ومرسلاً في إنجلترا.
ومع ذلك فإن تغليب الواقعية على الفن المسرحي في أوروبا ـ بعد ذلك ـ جعل النثر يحتل
إلا أنه في النصف الأخير من القرن التاسع عشر الميلادي، عاد الاهتمام من
جديد في فرنسا بالمسرح الشعري ، فقد كتب الشعراء بعض المسرحيات شعراً، كما
فعل الشاعر الفرنسي تيودردي بانفيل في مسرحيته جرنجوار (1823 ـ 1891)
والعصر الذهبي للمسرح الشعري في فرنسا من1890 إلى1910، ويمكن وصف إدموند
روستان بأنه كان عملاق ذلك العصر خاصة في مأساته الشعرية"سيرانودي
برجراك(1897) والنسر الصغير(1900)
وفي إنجلترا بعث ت. س. إليوت المسرح الشعري بعثاً جديداً بكتابته لمسرحية
الصخرة 1934 وقد كتب هذه المسرحية لغرض خيري وهو جمع التبرعات لبناء بعض
الكنائس مستوحيا أساليب المأساة اليونانية القديمة، وقد حاول في مسرحياته
الأخرى أن يجمع بين الشعر المرسل وروح المأساة اليونانية.
وكانت المحاولة الأولى للمسرحية الشعرية في الأدب العربي على يد خليل
اليازجي في مسرحية( المروءة والوفاء) التي ظهرت عام 1876 ومثلت على مسرح
بيروت 1888، وكانت أحاثا تدور في زمن النعمان ملك الحيرة وهي ذات لون عربي
واضح صورت بعض المثل التي ميزت العرب عن سواهم.
ومن الذين عنوا بالمسرح والترجمة له محمد عثمان جلال وكان يعرب بعض
المسرحيات الفرنسية شعرا ويضفي عليها روحا مصرية خالصة، كما ترجم بعض
المسرحيات زجلاً . ثم انتقل المسرح المصري إلى طور جديد بعد قدوم أبو خليل
القباني وفرقته المسرحية من دمشق1884 حيث اتجه نحو التاريخ العربي
والإسلامي فوضع مسرحيات عنترة والأمير محمود نجل شاه العجم وناكر الجميل
وهارون الرشيد وغيرها وقد امتاز أسلوبه بلغة راقية أقرب إلى الفصحى، وقد
استعمل السجع والشعر معاً.
وفي النهضة الحديثة أدخل أحمد شوقي الشعر المسرحي بعد إنهاء بعثته إلى
فرنسا، وبعد عودته من منفاه بأسبانيا بعد الحرب، إذ خلص إلى شعره وفنه وترك
الحياة الرسمية في القصر، وأخذ يغني عواطفه القومية، وألف في الشعر
المسرحي ست مسرحيات كلها مآس، ثلاث منها تصور العواطف الوطنية، وهي: "مصرع
كليوباترة" و "قمبيز" و "علي بك الكبير" وثلاث صورت العواطف العربية
الإسلامية؛ وهي: "مجنون ليلى"و "عنترة" و" أميرة الأندلس".
وجاء بعد شوقي الشاعر عزيز أباظة الذي اتخذ شوقي إماماً له، فألف من النمط
الوطني : "شجرة الدر" ومن النمط العربي" قيس ولبنى" و" العباسة" و"
الناصر"و" غروب الأندلس" واستمد بعض مسرحياته من الأساطير، فألف مسرحية
"شهريار" واستمد مسرحية أوراق الخريف من واقع عصره.
ومن التطور الذي طرأ على الشعر المسرحي، اللجوء إلى الشعر المرسل في كتابة
المسرحية، ورائد هذه المحاولة: محمد فريد أبو حديد، فقد كتب مسرحية" ميسون
الغجرية" في قالب الشعر المرسل.
أما التجربة الثانية في هذا المجال فكانت مسرحية"أخناتون" ونفرتيتي للشاعر علي أحمد باكثير.
واستمرت هذه المحاولات بعد ذلك، فألف الشاعر صلاح عبد الصبور مسرحية " الحلاّج" وليلى والمجنون.
العلاقة الفنية الجمالية:
إذا
أردنا توضيح الملامح الفنية الجمالية للمسرح الشعري فعلينا أن نسأل: هل
الشعر في المسرح الشعري حالة مضافة للمسرح أي زائدة عليه، أم أنها في هذا
النوع من المسرح حالة موازية، وربما تكون ملغية للكثير من أدوات المسرح
المعتادة، ومضيفة أدواتها؛ سواء للمثل أو المخرج أو المؤلف أو المعد أو
الفني؛ أي أننا هنا لسنا أمام المسرح بما هو عليه، وبما هو مسرح، ويصبح
المسرح هنا لا يقوم على الشعر بحد ذاته بل يكون قائما على المفاهيم التي
يقوم عليها الشعر ويشتغل بها.
ينظر الشاعر المسرحي صلاح عبد الصبور إلى المسرح فيرى أن (الرمز) الذي حرص
كبار المسرحيين على الاستعانة به في مسرحهم وجعله بعداً ثانياً للمسرحية
حتى لا تصبح مسطحة، ذلك العنصر الذي يتمثل في الشعر أول ما يتمثل، أدركنا
أن في كل مسرح عظيم لوناً من الشعر أو لوناً من الشاعرية. وهذا الرأي لصلاح
عبد الصبور يعطينا إشارة إلى فهم المسرح الشعري بوصفه مسرحاً قائماً
أساساً على الشعر لا متسقاً ولا آخذاً منه، فإن أخذ بعض المسرحيين أداة من
بعض أدوات الشعر لأغراض مسرحية أو إبداعية لا يجعل ذلك أبداً من العمل
الفني المسرحي مسرحاً شعرياً. لأن إيجاد مسرح شعري يحتاج إلى حالة معينة في
النص والأداء والإخراج والعرض تجعل مسرحاً ما مسرحاً شعرياً .
ولتحديد مفاصل العلاقة بين المسرح والشعر يجب علينا أن نحدد طبيعة مفهوم
الشعر نفسه، وأن نتساءل ما هو الشعر؟ ورغم صعوبة السؤال إلا أنه لا بد من
محاولة الإجابة عليه
يرى الدكتور إحسان عباس: أن الشعر( ظاهرة إنسانية لا يحد بدايتها تاريخ
معين ولعلها وجدت منذ وجود الإنسان على ظهر البسيطة وهو مرآة تعكس الحياة
بكل ما فيها من مفارقات ومتناقضات وهو تعبير عن إحساس النفس وخلجاتها تجاه
مؤثر خارجي استنبطه الشاعر فأثر في عاطفته واصطبغ بوجدانه).
بينما يرى الناقد الإنجليزي هازلت: أن الشعرالمستمد من الشعور الصادق يصور
الوجود في جوانبه المتعددة ومفاتنه الساحرة ويحلل القضايا والمشكلات ويعالج
النفوس والأرواح ويجسد الآلام والمآسي في لأنماط من الألفاظ الأنيقة
والمعاني الجميلة وكل ذلك في أمانة من الأداء وصدق في التعبير وتحليق في
آفاق رحبة من الشعور المطمئن وأبعاد مستطيلة في أجواء الإلهام الفسيحة.
ويقول ناقد آخر: إن دور الشعر أن يظل يتقدم دون توقف، أن يكتشف مجال
الإمكانات في كل وجهة، وأن يبدو دائماً ـ مهما يحدث من أمر ـ قوة تحريرية
ورصدية. أي أن الشعر لم يعد كما يرى إحسان عباس مرآة تعكس الحياة، بل أصبح
كشفاً ذا مهمتين: الأولى تفسير العالم و لأخرى تحويله، وما إن نذهب أبعد
باتجاه المدارس المذاهب الفكرية والفلسفية فسنرى تفسيراً مختلفا ًللشعر
ودوره ، غير أن ما يقوم عليه الشعر ـ أساساً ـ ليس الدور ولا الشكل ولا
الفكرة التي يتبناها، بل تلك القدرة على الإدهاش ولفت الانتباه، وكل ذلك
يتمثل في أمور منها ما هو مستقر في الشعر مثل الصورة الشعرية بتغيراتها،
والإيقاع الداخلي والخارجي بتغيراته أيضاً والفكرة والحيلة الشعرية أو
الشرك الشعري، ومنها ما هو طارئ ومفاجئ في استخدامه الشعري الأول، وهو ما
يبتدعه الشاعر من أشكال الصورة الشعرية، التي يذهب رونقها عندما تكرر، أو
أشكال الحيل الشعرية المتكررة.
ولذلك فإن الحيل الشعرية التي يستخدمها الشعر ليست بذات بال في المسرح، لأن
المسرح ـ أساساً ـ ليس قائماً على اللغة فحسب، بل هو قائم على عوامل أخرى
أكثر أهمية من اللغة نفسها.
المكان والزمان في الشعر والمسرح:
يقوم
المسرح على فنون زمان وفنون مكان وهما عنصران يستعصيان على التوحيد، فكيف
نستطيع أن نبدع منهما عملا فنياً متكاملا؟ فالزمن المسرحي محدد بالحدث
المسرحي، والمكان محدد بالمحدث المسرحي أو الفاعل أو الشخوص، وكل هذا يتجه
باتجاه خلق حالة درامية واقعية أو نفسية أو ذهنية ولكنها لا تخرج عن
الحالة(الدرامية/السردية) في مقابل حالة أخرى يتمثل فيها الشعر، وهي
الحالة( التفسيرية / الشعرية) فالدراما حدث، بينما الشعر تفسير أو انطباع
شعوري حول هذا الحدث، ولذلك فإن المسرح الشعري يتعامل مع المكان بتعامل
الشعر معه لا بتعامل المسرح، فيفقد المكان والزمان القيمة الفعلية والمادية
لهما، وينطبعان بانطباع الشعر الذي يضفي على الزمان والمكان قيمة عاطفية،
أو قيمة تأويلية تفسيرية. سئل أوجين يونسكو الكاتب المسرح الفرنسي عن دور
المسرح فأجاب(إن الوظيفة الوحيدة للمسرح أن يكون مسرحاً) وأضاف: ( في هذا
المعنى يعد المسرح لعبة عظيمة، هو عمل حرّ، يجب على المرء أن يجد فيه لغة
حية، ليست لغة الواقعية، بل لغة تعتمد على( العالم الخرافي الرائع) الذي
يتسم بالواقعية أكثر مما يسمونه العالم الواقعي، هو تقمص الأحلام
والخيالات). فهو يصف اللغة بأنها تعتمد على( العالم الخرافي الرائع) ويصف
المسرح بأنه(تقمص الأحلام والخيالات) وما ذلك الحلم سوى فقدان القيمة
المادية للزمان والمكان ، وتضخم تلك القيمة التأويلية لهما.
وباختفاء القيم المادية للزمان والمكان ، تختفي كذلك القيم المادية للحدث
والمحدث، أي السرد الدرامي والشخصيات، فتصبح الشخوص والأحداث في المسرحية
الشعرية الحديثة، غير ملزمة بما هي ملزمة به في المسرح؛ لأنها ليست نتاج
الحالة الدرامية السردية بل الحالة( التفسيرية/ الشعرية) أي الحلم كما قال
يونسكو، وكما يفعل هو في مسرحه العبثي.
والعبثيون هم جماعة من الأدباء الشباب الذين تأثروا بالحروب العالمية فرأوا
أن النتائج التي نجمت عن تلك الحروب كانت جميعها سلبية؛ لأنها خلّفت نفسية
سيطر عليها انعدام الثقة في الآخرين فكانت عزلة الإنسان الأوروبي وفرديته،
بالإضافة إلى الويلات والدمار المادي الذي شمل أوروبا كلها.
كان أول ظهور للمسرح العبثي في ثلاثينيات القرن العشرين الميلادي فكان مسرحاً متمرداً على الواقع وتجديداً في شكل المسرحية ومضمونها.
في عام 1933م ألف الكاتب الفرنسي( صومئيل بيكيت) مسرحيته " في انتظار غودو"
التي اتسمت بغموض الفكرة والخلو من العقدة التقليدية وانعدام الحل لما
عرضته المسرحية فكانت رمزية مبهمة للغاية، ولوحظ فيها قلة عدد الشخصيات،
وكان الزمان والمكان محددين تقريباً.وتتلخص المسرحية في ظهور بطلين هما:
"فلادمير" و" استراجون" ينتظرون قدوم شخص ثالث يدعى" غودو" قد تكفل بحل
مشكلاتهم كلها ، ويمضي اليوم الأول دون أن يأتي "غودو" ولكنه يرسل الراعي
ليخبرهم بأنه سيأتي غدا، ويمضي اليوم التالي ولا يأتي" غودو" ، ويرسل
الراعي بالرسالة نفسها ويبقى البطلان في انتظاره وهو لا يأتي حتى نهاية
المسرحية وهما يأملان في قدومه.
توفي بيكيت عام 1989م تاركاً وراءه الكثير من الحديث والجدل عن غودو: من
هو؟ هل سيصل؟ متى سيصل؟ ماذا سيفعل؟ أو يقدم؟ ترك بيكيت ظاهرة أدبية وفنية
مهمة ومثيرة للجدل أطلق عليها اسم: مسرح العبث أواللامعقول أو الكوميديا
المظلمة أو كوميديا المخاطر امتداداٍ لحركات أدبية مختلفة، ظهرت لفترات
قصيرة في بدايات القرن العشرين الميلادي، منها على سبيل المثال "
السريالية" وهي حركة أدبية فنية عبرت عن غضب الشباب من التقاليد التي كانت
سائدة في تلك الفترة، كما عبّرت عن غضبهم من الحروب العالمية ونتائجها غير
الإنسانية.
أهم سمات مسرح العبث العامة:
1 ـ التمرد علي المدرسة التقليدية الأرسطية العريقة بعناصرها الثلاثة: الزمان والمكان والحدث.
2 ـ المكان محدود جداً شجرة ( في انتظار غودو) أو غرفة أو كرس، لا يشعر من
يعيش فيها براحة أو استقرار أو أمان على الإطلاق ، ويظل قلقاً دوماً. ويتسم
المكان بالعتمة أو الضوء الخافت، أو الرطوبة العالية.
3 ـ عنصر الزمن غير ذي أهمية تذكر.
4 ـ لا وجود للحدث أو العقدة.
5 ـ عاد بالمسرحية إلى الفصل الواحد، والعدد المحدود من الشخصيات.
6 ـ الحوار ـ رغم أهميته ـ يكون غامضاً ، مبهماً ، مبتوراً، تعوزه
الموضوعية والترابط والتجانس، ولا تستطيع الشخصيات توصيل رسائلها، وربما
تكلمت بعض الشخصيات بكلمة أو كلمتين في نهاية المسرحية؛ تلخص السخط العام،
والغضب الشديد. وقد تكون الشخصية الرئيسة خرساء كما في مسرحية( النّادل
الأخرس( للكاتب هارولد بنتر.
7 ـ دور المرأة أقل أهمية من دور الرجل، وهي أكثر كآبة منه؛ لما تعانيه من اضطهاد اجتماعي واضح.
8 ـ اللغة فيها تكرار في الموقف الواحد، وهذا التراكم الكمي من الأسباب
يعطي مدلولات واضحة للخوف، وعدم الطمأنينة والقلق، كما تبين غياب الحلول
الفعلية لمشكلات كثيرة، وعدم القدرة على مواجهة الأمر الواقع، مع حيرة
مستمرة، وقلق متواصل، وخوف متجدد من المستقبل.
ويعد مسرح العبث دراسة نفسية وفكرية لواقع الأوروبيين الاجتماعي المؤلم،
ومن أهم المشكلات التي يعرض لها؛ معضلة الفردية؛ فالأوروبي ـ رغم حضارته
المادية وتقدمه العلمي ـ يعاني فردية وانعزالية وعدم قدرة على بناء علاقات
إنسانية ورصينة مع الآخرين.
ويرى بعض النقاد أن الكاتب المسرحي الكبير "صومئيل بيكيت" أكثر شعرية من
"شكسبير" ؛لأنه كتب نصوصه بلغة الشعر ، بينما كتب شكسبير نصوصاً بلغة
المسرح.
1. صلاح عبد الصبور..ليلى والمجنون..مسرحية شعرية:
http://www.4shared.com/document/FRMr6q-n/____.htm
2. فاروق جويده..دماء على استار الكعبة..مسرحية شعرية:
http://www.4shared.com/document/zLDDJSfi/_____.htm
3. فاروق جويدة - عمر من ورق.. مسرحية شعرية:
http://www.4shared.com/document/o4Lzxr4u/__-_____.htm
4. محمد الماغوط المهرج مسرحية شعرية:
http://www.4shared.com/document/hd9eagoF/____.htm
5. على أحمد باكثير ...همام فى بلاد الاحقاف مسرحية شعرية:
http://www.4shared.com/document/IawukQyH/________.htm
6. أحمد باكثير.. أخناتون و نفرتيتي- مسرحية شعرية:
http://www.4shared.com/document/AVjNtcuK/__-___.htm
7. الوطن الأكبر - مسرحية شعرية:
http://www.4shared.com/document/23obKJQ4/__-__.htm
8. الخديوي - مسرحية شعرية - فاروق جويدة:
http://www.4shared.com/document/UHmsPSYi/_-___-__.htm
9. الأعمال الكاملة ـ المسرحيات - أحمد شوقي:
http://www.4shared.com/document/iWoEab5p/____-__.htm
10. صلاح عبد الصبور..مأساة الحلاج.. مسرحية شعرية:
http://www.4shared.com/document/AeTd8Wjo/___.htm