احلى قصص,فى منتدى DreamShiP

وطنٌ محتمل

مرةً أخرى تستحيلُ فيها محاولاته اليائسة إلى قضاء ليلة هادئة والنوم ولو لساعاتٍ قليلة في هذه الغرفة الشاحبة إلى ضرب من العناء والأرق المجاني، لم يعد النوم في هذه الشقة الصغيرة مهمة سهلة كما كان في أيامه الأولى، حين جاء إلى هذه البلاد وحيداً وصلباً، لا يحفظ سوى وجه أمه ووصايا أبيه وذلك الوطن الذي أودعه قلبه.

"السجادة في الشنطة .. والمسبحة أيضاً .. ربي يحميك"

حاول المراوغة، نهض وفي قلبه أمنية خافتة بأن يُعرقَل بأي شيء، أي شيءٍ يستغرقه وقتاً طويلاً، ربما حتى طلوع الفجر أو حتى تلاشي تلك الوجوه التي تلمع رغم العتمة والبرد، خرج بصمت، تجوّل في أرجاء الشقة ثم تأمل مغلاة القهوة والأكواب التي لم تغسل منذ أيام، تلك المتراكمة في المغسلة في تحالف غير معلن، بالإضافة إلى المجلات الملقاة قرب الطاولة وجوارب آغا الذي غالباً ما يكلفه البحث عنها كل صباح وقتاً إضافياً وكدمة.
آغا الأفغاني وابن سدني الذي اعتاد مَن حوله ظهوره المفاجئ باللباس الوطني الأفغاني في نوبة إحساسٍ بالوطنية يعلم أحمد تماماً أنها طارئة ومؤقتة بقدر ما هي قاسية، كان أسلاف آغا قد هاجروا إلى هذا البلد قبل الآخرين بوقت طويل وإن لم ينالوا نصيبهم من الثروة مثلهم.

"يبدو أن لعنة الوطن تطارد أبنائه حيثما اتجهوا" كان أحمد يردد شيئاً كهذا كلما بدأ صديقه وزميله في السكن سرد قصة أسلافه التي بات يحفظها كما يحفظ طريقه إلى ميناء سيدني المزدحم بالبشر الروائح الأحلام والحياة.
......
أي وطنٍ هذا ؟ وأي غواية قميئة تلك التي تنغمس أو ننغمس فيها متوهمين أن قطعة أرض أو قطعة خواء لا تختلف كثيراً عن أخرى ولا حتى تتضاعف فيها قوة الجاذبية هي الحدود الخرافية التي تختزل أرواحنا وتسمها إلى الأبد، أي وطن هذا الذي لا ينتمي إلى الإنسان بقدر ما ينتمي الإنسان إليه؟ مَن الظل ومَن الحقيقة ومن الأكثر أهمية إذاً ؟

يلقي بنفسه على الأريكة القريبة ليستمع الى الأخبار تصله باردةً كقطعة هامبرجر بائتة:
“Thirty people were killed ……”

يترجمها بهدوء: ثلاثون شخصاً قتلوا من أجل لا شيء.

كان يصطدم بوجوه الغرباء في كل مكان: في طريقه إلى العمل، في تلك الشوارع النظيفة حد الاستفزاز، في لوح الإعلانات وحملات التبرع للاجئين الجدد، في منظر القوارب الملئى بوهن الرجال، الغاصة بالنساء والأطفال والحزن، وببقايا وطنٍ يبصق أبنائه كما يفعل بلعابٍ فاسد ورديء.

يغلق التلفزيون مشيحاً بوجهه نحو النافذة.
يباغته وجهها الطفولي مرة أخرى، وجهها الملائكي الصغير ذو القسمات الدقيقة وكأنه وجه قديسة، الحنطي كلون بلاده، يتساءل: بماذا تراها كانت تهمس قبل أن تودع أمها للمرة الأخيرة ثكلى في بلاد جديدة؟
منذ أن بدأ عمله كمترجم فوري في المستشفى العام ليغطي مصاريف دراسته وهو يلتقي بلاجئ جديد كل يوم، وافدٍ جاء فاراً من جحيم صغير ومن بلادٍ ينتشر فيها الموت والعفن كالجراد والطاعون.
كانت عائلتها ممن لجؤوا إلى هذه البلاد بحثاً عن مأوىً آمن ولقمة كريمة، لكن يبدو أن جسدها النحيل ما كان ليحتمل برد هذه البلاد، كانت صحتها تزداد سوءاً يوماً بعد آخر بالرغم من علب الأدوية والدعواتِ الحميمة.
وبحكم عمله كان يقضي ساعات طويلة مع والدها بانتظار الطبيب أو بانتظار نتيجةٍ ما، يستمعُ إليه بذاكرةٍ موتورة وهو يحكي عن العالم الذي خلّف بقضبان مؤصدة وهواءٍ نافد.

"هذا وطن يحترمك، يحترم الإنسان فيك، وطن لا يقتاتُ على أحلامك، ولا يندسُ تحت بلاط أرصفته الجلادون، وطن لا يرقُبُك من وراء سماءِه القريبة رجالٌ بآذان كبيرة وقرون استشعار، وطاويط جاهزة للانقضاض عليك، هنا نمارس إنسانيتنا كما أرادها الله لنا لا كما أرادها اللامنطق والجنون" .
....

- أحمد ؟
إنه الصباح، ينسابُ قريباً منه صوتُ آغا المثقل بالنوم.

- انتظرني سأخرج معك.
- إلى أين ؟
- وزارة الـ ...
- ...
- أجل.
- وماذا عن .. ؟
- وطني في قلبي،
لا في قطعة أرض.

مشكووووووووووووووووووووووووور

القاتل

مشكورررررررررررررررررررررر

مشكوررررررررررررررررررررر

مشكوررررررررررررررررررررررررر

مشكوررررررررررررررررررررر

مشكورررررررررررررررررررررررررر

مشكوررررررررررررررررررررررر

مشكوررررررررررررر

مشكووووووووووور :evil: :evil:

» احلى اغانى شعبيه من احلى منتدى
» صور منوعة من dreamship
» رسايل حب .........وبدون تعليق للجوال NeW DreamShiP
» دراسه مفصله عن النعام حصريا على dreamship
» الدجاج المحلى وسلالاته ومعلومات هامه حصريا على dreamship